كنت اشاهد التلفاز في مرة من المرات , و كان فيه بث مباشر عن احدى الدول الافريقية التي توجد فيها محميات كبيرة للحيوانات. المهم وانا اشاهد الاخبار و اذا بي ارى رجل يجلس بعيدا ليس له علاقة بالخبر. فقد كان يمسك بيده جهاز.من محاسن الصدف كانت عندي رحلة الى ذلك البلد في الغد. فقررت بما ان الرحلة سياحية فما المانع ان اتعرف على المكان الذي كان البث فيه و ازوره, لانه كان جميلا جدا. بعدها اجريت اتصالا هاتفيا للقناة التلفزيونية لاحصل على التفاصيل للوصول الى ذلك المكان و هذا ما فعلت و قد حلصت على كل ما احتاج للوصول الى ذلك المكان.
أتى الغد, و اقلعت الطائرة ذاهبا انا فيها الى ذلك البلد. عند وصولي هناك امضيت اليومين الاولين سياحة في العاصمة و كان وقتا ممتعا. في اليوم الثالث تركت العاصمة ذاهبا الى ذلك المكان, و هو بالمناسبة عبارة عن غابة كبيرة بقربها قرية صغيرة جدا , و ليست من الغابات الاستوائية المليئة بالاشجار و لكنها النوع من الغابات التي تعيش فيها الفيلة و الاسود و هذه الانواع من الحيوانات.
عندما وصلت القرية و انتهيت من اجراءات الفندق, نزلت في شوارع القرية. فقد كانت قرية صغيرة و جميلة و اجمل ما فيها اهلها طيبون جدا. دخلت احد المطاعم و طلبت طعاما و عند انتهائي و انا خارج من المطعم و اذا بي ارى نفس الرجل الذي شاهدته في نشرة الاخبار. كان من المانيا و كان باحثا في علوم الحيوان. القيت التحية عليه و اخبرته انني رايته في نشرة الاخبار. سالني ان كنت احب ان اود الجلوس معه باحد المقاهي و شرب القهوة, ففرحت لدعوته لانني اريد ان اتعرف على هذا المكان اكثر و بما انه باحث هنا فبالتاكيد انه يعرف المكان جيدا.جلسنا و تحدثنا في امور كثيرة كان وقتا ممتعا و مفيدا بنفس الوقت.قبل رحيله قال لي ان كنت احب المفاجآت فاجبت بالطبع. فقال اذن دعنا نتقابل غدا صباحا في المكان الفلاني و هو مكان على اطراف القرية... فوافقت و تركته بعدها.
فابلته في الغد و كان ينتظرني في نفس المكان, سألته عند وصولي ما هي المفاجأة؟.... رد قائلا لا تستعجل سأريك شيئا جديدا لم يسبق لك ان رايته. ركبنا السيارة متجهين الى منتصف الغابة. وجدنا فيها العديد من الحيوانات و لكنه كان يبحث عن الفيلة. كنا نمر على بعض قطعان الفيلة و يتركها و سالته الم تقل انك تبحث عن الفيلة ؟ فهذه قطعان كثيرة منها !!!! اجاب.... انا ابحث عن قطيع معين يوجد فيها فيل اجري عليه دراستي. سكت و قررت ان اصبر و لا اسبق الاحداث.
اقتربنا من القطيع الذي كان يبحث عنه و كان مكون من حوالي عشرين فيل. اوقف السيارة و اخرج نفس الجهاز الذي كان معه عند رايتي له في نشرة الاخبار. الجهاز كان يشبه ( اللاب توب ) و لكنه يحتوي على عدة شاشات مستقلة عن بعضها و يوجد للجهاز ايضا مستقبل موجات ( اريل ). عند تشغيله للجهاز ظهرت كتابات على الشاشات. قرأت بعضها فقد كان الحديث عن ثورة. لم اتمالك نفسي فقلت له ما الذي يحدث؟! و ما هذا الجهاز؟! و ما هذه الكتابات الثورية؟!.... على رسلك يا صديقي قال لي. انا سوف اخبرك عن المفاجأة و لكن دعني ابدأ الحديث من الأول.
بدأ الحديث بقوله ... انا متخصص في علم سلوكيات الحيوان, فقد امضيت سنين طويلة ادرس سلوكها. و قبل عدة اشهر انتهى صديقي لتطوير جهاز له القدرة على استقبال الموجات الصادرة من اصوات الفيلة و ترجمتها. سالته هل تستطيع بواسطة هذا الجهاز ان تفهم ما يقوله الفيلة؟ اجاب بنعم. اندهشت و قلت اخبرني ما الذي تتكلم عنه هذه الفيلة. قال ما يكتب على الشاشة... الا ترى؟ قلت له ان ما اقرأ هو حديث غضب و ثورة فهلا اخبرتني ما الخطب مع هذه الفيلة؟
اشار الى احد الفيلة و اكمل قائلا هذا الفيل هو من زرع في الفيلة الاخرى فكرة الثورة. فهو غاضب على معتقدات الغابة و ما تؤمن به الحيوانات. و من اهمها هو لماذا يطلق على الاسد ملك الغابة علما بان الفيل اقوى منه. ثورته هي السيادة للفيلة على الغابة باسرها و يعتقد ان جعل الحيوانات خاضعة للفيلة لا يتم الا بالقوة و العنف و هذا ما تراه من غضب و ثورة في ترجمة الجهاز لحديث الفيلة. فالفيلة التي معه في هذا القطيع هم من يايدون طرحه.
سالته ..... و ما سبب اختلاف القطعان الاخرى من الفيلة معه. اجابني بان باقي القطعان ترفض طرحه لانهم يعتقدون بان الفيلة لا تحتاج للقب ملك الغابة لان الفيل افضل من الاسد لانه لا يقتل الحيوانات التي اضعف منه و يتغذى عليها. فالفيلة تعتقد بان الفيل لا يحتاج لغيره او لاي تسمية لكي يثبت لنفسه انه حيوان جميل فاضل بل الفيل يجب ان يثق بنفسه و يعلم انه من افضل و ارقى الحيوانات. و لا يحتاج لغيره ليثبت له ذلك.
سالته..... و هل طرحه يجد بعض القبول من الفيلة. اجاب نعم فهو و مجموعته لا يكلون و لا يملون على اقناع غيرهم بذلك الطرح. و الامر السيئ انهم بدأو باستخدام العنف لاقناع الفيلة الاخرى و بعض الحيوانات فهم في كل يوم بازدياد. اذا كانت حجتهم ضعيفه و يستعملون العنف بدل الاقناع.... كيف ينظم لهم الحيوانات؟ سالته. اجابني ..... بانهم يستغلون حاجة بعض الحيوانات الضعيفة لكي ينظموا اليهم و يتبنوا فكرهم رغم هشاشته.
بدأت الشمس بالغروب , فضطررنا للرحيل حينها. و خلال عودتنا , اخبرني بما فعلت تلك الفيلة المنشقة عن قانون الغابة و كم من مآسي فعلت للحيوانات الضعيفة و كم يتمت صغار و خربت ديار و كم تعاني الغابة بحيواناتها جميعا من العنف الصادر من تلك المجموعة و طرحها المريض.
اتمنى ان اجد الوقت لاخباركم بما اوت له الغابة من احداث , و اكتفي بهذا مع اجمل التحية. و اقول للجميع احمدوا الله باننا اعني بها نحن البشر لا يوجد عندنا افكار عدائية تحارب السلام و العالم.
م
الرئيسية 
