قبل أيام كنت وزميلا لى فى العمل وهو بالمناسبة عربى مسلم
كنا فى مأمورية عمل أجبرتنا طبيعتها على تناول وجبة الافطارفى السيارة .
كان اصرار الرجل على ان يعطى ما تبقى من وجبتنا لأحد المارة, ممن تبدو عليه علامات العوزمثار اعجابي, بل وحسدى .حيث لاأجرأ
عادة على فعل ذلك خيفة احراج أحدهم.
لكن هذا الاعجاب ما فتئ ان انقلب حنقا وانزعاجا مما بدر من صاحبى عندما اقترب منا شابان لاتبدو
من مظهرهما ميزة تميز احدهما عن الاخر . لما سأل صاحبى أحدهما وهو يهم بمناولته كيس الطعام هل أنت
مسلم؟ و رفض اعطاءه هذا الفتات لما علم انه مسيحى . وناوله للاخر بعد ان عرف انه مسلم بقوله:
انا مسلم , و هذا كافريا سيدى. ربما كان الرجل مثل صاحبه ولكنه استفاد من خطئه وأدرك ان اسلامه هو الحيلة الوحيدة التى ستنفعه مع هذا المسلم العنجهى . كان هذا السؤال والتصرف بمثابة الصاعقة على نفسى وقد أبديت لصاحبى قدرا من الاستهجان لفعله وقلت له هل ترضى ان تقف هذا الموقف مع أحد أبناء دين هذا الرجل؟
فرد بكل برود هؤلاء لادين لهم . ولايثاب من أحسن الى أحدهم بينما
المسلم أخى وسأجنى من ورائه حسنات . سكت لم اخض كثيرا فى الموضوع لمعرفتى بمستوى صاحبى
الذى رمانى مرة بالتفلفس ( ويقصد التفلسف ) لما دار بيننا حديث سابق عزمت بعده ان لا أخوض معه فى مواضيع كهذه, خشة تطور التهمة الى حد الرمى بالردة, والكفر. الأمر الذى لن تحمد عقباه . اثار هذا الموقف اللاانسانى الكثير من التساؤلات لدى وكان اول ما خطر ببالى خبركنت قد قراته فى احدى الصحف حول تبرع الملياردير الامريكى اللادينى (بيل جيتس) صاحب شركة مايكروسوفت بأربعين مليون دلار لجمعيات خيرية تعمل فى دول افريقية ومنها اسلامية وقلت فى نفسى كيف يفسر صاحبى هذا العمل؟ اذا علم ان جيتس لا يؤمن بوجود اله فضلا عن الدين والحسنات والثواب وغير ذلك من مفاهيم . وددت لو اطرح على زميلى هذا السؤال ولكن أخشى ان لا يصدق الرجل ان هناك فى هذه الدنيا من يعمل الخير من اجل الخير وليس من أجل عملية بيع وشراء مع الله وفقط مع اخوانه من ابناء دينه. وددت لو أقنع هذا الشخص وأمثاله ان هناك رابطة أشمل هى رابطة الاخوة الانسانية .وأن هذه الرابطة هى ما يحرك ألأرقام الفلكية لتبرعات أبنا ء ديانات أخرى وغيرهم من ملحدين ولا ادريين لاخوتهم من بنى الانسان فى كل مكان ومن كل الديانات. لضحيا الكوارث والحروب والتى غالبا ما نكن نحن المسلمون مسرحا لها (اندونوسيا باكستان فلسطين , الصومال...) ان هذا التصرف وان بدا فرديا الا انه بلاشك لاينبع من فراغ . ان هناك تصرفات لبعض المسلمين يقول لسان حال اصحابها : انه لو لم ينص الاسلام على الاجر العظيم والثواب الجزيل للمتصدقين لما تصدق أى مسلم ولما عمل خيرا مطلقا. ولعلى أختم بدعوة أمثال هؤلاء الى تبنى مذهب الخيرية حيث عمل الخير من أجل الخير ذاته من دون التفكير فى المقابل الاخروي .
الرئيسية